منتدى حوار الثقافات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الثقافة كأداة لنقل التنمية في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط

اذهب الى الأسفل

الثقافة كأداة لنقل التنمية في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط Empty الثقافة كأداة لنقل التنمية في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط

مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء مارس 06, 2018 10:09 am

موضوع من اختياري
-----------------


فردينان ريشار رئيس صندوق روبرتو تشيميتا


موضوع الطاولة المستديرة:
الثقافة كأداة لنقل التنمية في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط

- إعادة وضع الثقافة في صلب اهتمام الشأن العام
- الصناعات الثقافية: مساهمتها في التنمية الإقتصاديّة
- الثقافة والإندماج الإجتماعي

الخطاب الإفتتاحي: فردينان ريشار، رئيس صندوق روبرتو تشيميتا

الخبراء:
- عمّار كسّاب، أخصّائي في الحوكمة، البنك الإفريقي للتنمية
- أنطونيو لازارو غوزالو، مدير، معهد ثيربانتس، عمّان
- وفاء بلقاسم، رئيسة وعضو مؤسّس، كلتشر فندينغ واتش
- فاتن فرحات، باحثة مستقلّة وناشطة ثقافيّة، فلسطين

فردينان ريشار، رئيس صندوق روبيرتو تشيميتا
في مرحلة أولى، التذكير بخمس مسلّمات
نواجه اليوم في مساحتنا المشتركة ضغطًا مستمرًّا يهدف إلى إعادة إعطاء طابع قومي للفنون والثقافة. يُنظر إلى الثقافة والفنون مجدّدًا على أنّها عناصر أساسيّة في السيادة الوطنيّة، ووسائل مفيدة لإبراز "مدن ذكيّة"، وأداة تواصل في خدمة السياحة الجماعيّة. من عواقب هذه الحالة "مهرجنة" الثقافة، والحدّ من النقاش النقدي ومن التجريب، والرقابة الذاتيّة. بات المنتجون الفنّيّون والثقافيّون المستقلّون يعملون أكثر فأكثر في ظروف مهنيّة متزعزعة، وهم يستمرّون فقط بفضل قدرتهم على تكديس "المشاريع" التي سرعان ما تصير في خبر كان. فخلاصنا يرتبط فقط بقدرتنا على إعادة ابتكار "مساراتنا" في مساحة سياسيّة مشتركة، تتخطى دكتاتوريّة القوميّات
- كذلك، فإن الشرخ السياسي المتزايد اليوم يتجذر في تزوير التاريخ، منطقة الشرق الأوسط كما في جميع أقطار العالم. صحيح أنّه لا يمكن بلوغ كمال الحقيقة، لكنّها، أي الحقيقة، لا تستطيع التخلّي عن شهادة الفنّ. وفي هذا المجال فإن مسؤولية الفنانين واسعة كبيرة.
- علينا أن ننظر نحو المستقبل، وأن نرفض ديكتاتوريّةَ ما هو آنيّ مباشر، وأن نبحث عن حلول طويلة الأمد ومتعدّدة المستويات. نعرف في منطقة الشرق الأوسط أنّه في بعض الأحيان، تتحوّل الحلول السريعة إلى مشاكل لا نهاية لها.
- نقرّ بأنّ مفهوم الصالح المشترك واسع، وعابر، وشامل، ومرن. فهو مشروع في بناء مستمرّ. لا مكان للدوغماتيّة عندما يتعلّق الموضوع بالصالح المشترك. فهو، كما تشير التسمية، ملك الجميع وملك لا أحد.
- نعيش في مساحات متعدّدة، حيث تتداخل الحدود الإداريّة غالبًا. وهي مساحات لم تعد تتلاءم مع المقاربة النيو إستعماريّة التقليديّة لما يُعرف بالمنطقة الأوروبيّة المتوسّطيّة. فالعالم الثقافي العربي يتخطّى بأشواط المنطقة المتوسّطيّة، ولا يمكن عزله عن كامل منطقة الشرق الأوسط. ما يجري اليوم في المملكة العربيّة السعودية، وإيران، وتركيا، وكردستان... خير دليل على ذلك.

في هذا الإطار، سأحاول أن أطرح هنا بعض التوجّهات على المدى المتوسّط والبعيد، في الإقتصاد، والسياسة، والعلوم الإنسانيّة:

١) الإقتصاد:

أ١) ستحلّ شبكات صناعات المحتوى الصغيرة، متعدّدة المهامات، والعابرة، والرشيقة، والمرنة، مكان الصناعات الثقيلة المنظّمة تنظيمًا عاموديًّا.
بحسب رأي عدد من الخبراء، قد تشكّل صناعات المحتوى (الوسائط المتعدّدة والإنترنت والتواصل والترفيه والثقافة) القطاع الإقتصادي الأوّل في العالم في السنوات الخمسين المقبلة، بعد تراجع الطاقات الأحفوريّة. لقد بدأت بعض الدول المصنّعة للبترول بإجراء تقصّيات واستثمارات ضمن هذا المنظور. حتّى أنّ صناديق الإستثمار العالميّة بدأت باستثمار أموال لا يُستهان بها في هذا القطاع. على سبيل المثال، يفكّر صندوق ’بروفيدانس إكويتي فند‘، بحسب ما جاء على موقعه الإلكتروني، باستثمار 50 مليار دولار في وسائل الإعلام والتربية والثقافة. منذ الآن، بدأ هؤلاء اللاعبون العالميّون بالتأثير بشدّة على قواعد اللعبة القائمة حاليًّا.
لكن ذلك يعني أيضاً أنه ستكون هناك ميزانيّات أكبر مخصصة للثقافة، ما سيؤدّي، للمفارقة، إلى بروز شبكات مرنة وناشطة لصناعات محتوى أصغر معتادة على علاقات الأنداد ستعزّز أسواقها الجديدة، وهي أسواق تُعتبر غير مدرّة للأرباح الكافية من قِبَلِ ما يُطلق عليه إسم “الإمبراطوريّات العملاقة العسكريّة الصناعيّة". ستحافظ هذه الشبكات على هيمنتها على مستوى الأبحاث والتنمية، والإبتكار، والإبداع، ولكنّها مضطرة لأن تنظّم وبشكل سريع استقلاليّتها أمام هذه البنى العملاقة. من وجهة النظر هذه، يبدو جليًّا أنّ القطاع الثقافي يفتقر إلى مفاوضين محنّكين.
على عكس الصناعات الثقيلة، تسهّل هذه الشبكات الآنيّة المتعدّدة الأطراف والأفقيّة الحوار بين الثقافات.

أ٢) إنّ طبيعة الإستهلاك الجمعي (والسياحة الجماعيّة هي الشكل الأبرز له في المنطقة المتوسّطيّة) وسعيه إلى الربحيّة القصوى تؤدّي لا محالة إلى التفريق بين فئات الأفراد المختلفة إلى درجة يصبح فيها من الصعب على المجتمع الإنساني تحمّل ذلك. فمشكلة الفصل بين الأجيال تتأتّى بشكل مباشر من تسويق المنتجات الإستهلاكيّة، والتنظيم المدني يخضع لقواعد "تأهيل الأحياء الشعبيّة بحيث تتأقلم مع ذائقة الطبقة الوسطى"، وما زالت المرأة تواجه مشاكل في فرض احترام حقوقها... لا يمثّل الإستهلاك الجمعي خطرًا بيئيًّا فحسب، بل يشكّل أيضًا تهديدًا مباشرًا للحوار ما بين الثقافات. ولذلك، أكثر من أي وقت مضى، صارت الثقافة كمنصّة حوارٍ تشكّل أولويّةً مطلقة.
وكذا الأمر بالنسبة للتقشف كسلوك فردي...

أ٣) يبقى مفهوم الرأسماليّة الأخلاقيّة (نذكّر سريعًا أنّها تتواجد على مفترق طرق الأديان والعولمة) هامشيًّا عندما يتجابه مع تحقيق القدر الأكبر من الأرباح. في الإطار الحالي لمختلف المفاوضات حول الإقتصاد، تبقى الرأسماليّة الأخلاقيّة موضوع تكهنات فكرية، ويكون لغياب الأخلاق في الإقتصاد تأثيرًا مباشرًا على المسألة الدينيّة، بما في ذلك في الأماكن التي تشهد أعنف الصراعات. ليست الرقابة سياسيّة فحسب، بل هي تَنتج أيضًا عن بعض الآليّات الإقتصاديّة. من يحمي اليوم الأخلاق وحرّيّة التعبير وحرّيّة الإبداع؟ ترغمنا الرغبة المشروعة بالحوار ما بين الثقافات على إعادة النظر بالتحكم المقيِّد للحرّيات الذي فرضته الليبيراليّة المتوحّشة.

٢) سياسة:
ب١) يحلّ تأثير المناطق الثقافيّة (والشعائريّة) تدريجيًّا محلّ الحدود الوطنيّة، في السرّاء والضرّاء. فالمنافسة التقليديّة بين الأمم والتي كانت أسيرة استراتيجيّة بالية موروثة عن قرون سابقة قائمة على مفهوم"كتلة مقابل كتلة” قد استُبدلت باستغلال الفوارق الثقافيّة (التي تستتر أيضًا تحت تعبير "الدبلوماسيّة الثقافيّة")، وذلك عبر ما أطلق عليه "صدام حضارات" مُفترض يرخي بظلاله أكثر فأكثر على العالم، في حين أنّه ليس سوى تزيين جديد وضع على وجه مفهوم القوميّة. في هذا القسم من العالم، بعد التداعي الظاهر للسلطات الإستعماريّة، ظهرت قوى إقليميّة أو دينيّة ساحقة تحاول احتلال الموقع الذي تُرك فارغًا، وأصبحت عدائيّة وراديكاليّة أكثر فأكثر، واكتسبت قدرة متزايدة على التأثير، حتّى ولو رأينا أنّ الضغط الدائم للولايات المتّحدة الأميركيّة وروسيا والإتّحاد الأوروبي ما يزال قائمًا بأشكال أخرى. هل تَعتبر هذه القوى الإقليميّة الجديدة أن الحوار ما بين الثقافات أداة أساسيّة للسلام؟ بل وهل تَعتبر السلام أولويّة؟ أم أنها تفضّل توسّعها الجغرافي على إحلال السلام؟
ما من حوار من دون ثقافة... ما من سلام من دون حوار... ما من أعمال مربحة من دون سلام... وفي وقتنا هذا فإن الأعمال الوحيدة المربحة هي الحرب...

ب٢) تُظهر آسيا اهتمامًا متزايدًا بالقارة الإفريقيّة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. انتقل مركز العالم من البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الأطلسي، ومن ثمّ من الأطلسي إلى الهادئ. نجهل، نحن العرب والأوروبيّون والشرق أوسطيّون، أنّه يتم النظر إلينا من قبل الصين ككيان ثقافيّ واحد ومتماسك له إرث مشترك وأصل دينيّ واحد، كما له بشكل من الأشكال أصول جينيّة مشتركة.
هل بإمكاننا عكس هذا الإقتراح؟ أوّلًا، هل نعبّر عن اهتمام مشترك بمناطق العالم الأخرى؟ إذا كان الجواب بالإيجاب، فما هي نقاط اهتماماتنا المشتركة؟ النماذج الإجتماعيّة؟ تطوير الأسواق؟ الرغبة في اكتشاف ما هو غريب وفريد؟ الأبعاد الروحانيّة؟ هل يمكننا أن نتوجّه معًا إلى باقي العالم؟ وهل ينتظرنا باقي العالم؟

ب٣) تهجين/ إندماج/ إنخراط
(راجع "كلتشرل بايز" (القاعدة الثقافية)، وهو برنامج مدعوم من جامعتي غلاسكو وبرشلونة)
فيما يتجاوز هذا البحث المثير، يبقى السؤال القديم الذي لم نجد له جوابًا بعد: من يندمج مع من؟ من يستوعب من؟ ما هو مستوى التهجين الملائم للتنوّع الثقافي؟

٣) العامل الإنساني:

ج١) مهما يكن الأمر، ستبصر أوروبا الشباب النور، بمن فيهم الشباب من أصول غير أوروبيّة، وسيؤثّر ذلك على العلاقة بين أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ما يمكن أن نشهده اليوم ليس تراجع الحلم الأوروبي، بل بداية تحوّل إيجابيّ حتّى ولو كان موجعًا. هو تحوّل منتظر منذ زمن، يتضمّن مراجعة يجب أن يقوم بها كل فرد يعيش في أوروبا لموقفه تجاه باقي العالم. يعني ذلك أيضًا إعادة التوازن لعلاقة غير عادلة أخرى، هي العلاقة التي تقيمها اليوم الحكومات الأوروبيّة بين جنوب أوروبا وشمالها، وبين المراكز والأطراف. تؤثّر هذه العلاقة على أوروبا من الداخل، لكنها، كما أحجار الدومينو، تضعف أيضاً العلاقة بين أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. إنّ الشركاء المستقبليّين للأجيال الشابة من الفنانين والفاعلين الثقافيين موجودون في كلّ مكان في أوروبا، وليس فقط في العواصم.

ج١) التنقّل الإفتراضي أو الجسدي، والمقاربة العرضانية والكوّنية القائمة على مبدأ "من نقطة لنقطة" لا تتلاءم مع مفهوم السفر من دون عودة
تشكّل "المثلّثات الذهبيّة" للفنون والثقافة (على سبيل المثال لندن/أمستردام/باريس) القواعد الجغرافيّة للإمبراطوريّة. فهي تركّز في داخلها جميع أدوات السلطة الثقافيّة. وهي تجذب كالمغناطيس الشباب المبدع الذي يعيش في الأطراف. تتمثّل أسوأ نتائجها في "هجرة الأدمغة". فهي تحرم المجتمعات المحلّيّة من عائد استثمار يمكن لها أن تنتظره بعد مساهمتها المكلفة في التربية وفي تعزيز قدرات شبابها. تمنع هجرة الأدمغة الشباب المبدع من المشاركة في بناء/ تطوير مجتمعاتهم الأصلية، وفي فترة زمنيّة قصيرة جدًّا تساهم في تحقيق عدم توازن مجحف من عواقبه تغذية الكراهيّة ضدّ أوروبا في الداخل، والكراهيّة ضدّ الأجانب في الخارج.

في جميع أرجاء العالم، تتنامى ظاهرة "المثلّثات الذهبيّة". وهي أيضًا ثمرة سياسات تخطيط شمولية.
تشكّل التنمية المحلّيّة الشرط المسبق لتفاهم دولي عادل خال من أية توتّرات. يلعب الفرد دور محرّك هذه التنمية، وهو يساهم فيها من خلال نقاط قوّته الثقافيّة والفكريّة. التنقّل هو قبل كلّ شيء مسألة تنمية محلّيّة، ولا يمكن اختزاله بحلقة ضيّقة من الأشخاص العارفين الذين يمضون معظم وقتهم في المطارات.

التنقل يتعلّق قبل كلّ شيء بقدرة كلّ منّا على مشاطرة فوائد خبرة سفره مع مجتمعه عند عودته. أؤمن بصدق أنّ عالم الغد سيكون مصنوعًا من شبكة عضويّة لها أطراف متعددة. فالأطراف هي أيضًا مصدر للمعارف، والمعرفة ليست حكرًا على بعض مراكز الأبحاث، بما في ذلك تلك التي تقع في منطقة أوروبا – الشرق الأورسط – شمال إفريقيا.

ختامًا، أودّ أن أذكّر بالمادّة الأولى للإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
"يولد جميع الناس أحرارًا ومتساوين في الكرامة والحقوق".
برأيي، تعني المساواة في الحقوق عدم وجود ثقافة مهيمنة.

شكرًا لحسن المتابعة،

فردينان ريشار
Admin
Admin
Admin

المساهمات : 26
تاريخ التسجيل : 04/03/2018
العمر : 67
الموقع : https://azzamanattounsi.wordpress.com/

https://dialoguemulticulture.rigala.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى